أبدئي حياتك من جديد
كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ حياته من جديد، فيقرن بدايته بصباح يتنفس بإشراقه نهار جديد، يحمل بين نسماته الهادئة الكثير من الأمل، أو يقرنها بليل يلفظ اليأس والكسل الذي فيه.
يطرق التفكير طويلا، من أين يبدأ في إصلاح ذاته وتطويرها: عبادته، إيمانياته، ثقافته، عمله، دعوته، اجتماعياته.. يلملم همته وينفض عنه غبار التثاقل، يتوضأ بماء التفويض، ويعزم المضي في الميدان وسط معترك الحياة المزدحم بالعقبات.
يمضي دون تخطيط ولا برامج، دون هدف واضح ولا محاسبة، ويحسب أنه التوكل، ويحسب أنه يسير على الطريق المستقيم الذي طالما ترنم به، ويحسب أنها البدايات المحرقة التي لا بد أن تكون نهاياتها مشرقة.. يحمل الفوضى التي في نفسه وحياته ويمضي مثقلا.. وما هي إلا أيام حتى يرجع لحزنه وعثراته وتقصيره هنا وهناك، رغم دبيب الحياة الذي تحرك فيه، ورغم همته التي اشتعلت بداخله، فإنه انهار سريعً
حتى الداعية في أول الطريق ينطلق متحمسًا، وقد يكون متميزًا في باب من أبواب حياته - كالعلم مثلا - ثم بعد التزامه وسيره في الدعوة تجده يُقصر في طلب العلم لا لإهمال منه بل لحماسة زائدة في الدعوة. وأما في باب الإيمانيات وعلاقته بربه فتجده يكثر الصوم، والذكر، والصدقة بعد الفرائض حتى يكون كالمنبت الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "إن المنبتّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى" ، فلا نريد أن نكون كالمنبت؛ بل نريد السير بخطى ثابتة ولو كانت بطيئة، وما الشجاعة إلا صبر ساعة، فهيا نعيد ترتيب حياتنا من جديد .
اولا:من صَلُحت بدايته صَلُحت نهايته
القاعدة تقول: من صحت بدايته استقامت طريقه وصحت نهايته، ومن فسدت بدايته اعوجت طريقه وساءت نهايته.
إن قلبك هو سر نجاحك، فرتِّبه ولا تترك الفوضى فيه تعوم، وكما قال مصطفى صادق الرافعي: "إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك".
ثانيا :الهمة والإتقان
وبعد النية لا يكون إلا الهمة، وبعد الهمة لا يوجد إلا الإتقان، وبعد أن وضعت وحددت المبدأ الذي تنطلق منه بقوة وعزم، عليك أن تجلس مع نفسك جلسة صدق مع الله تعالى تعيد فيها حساباتك وتقيم بها وضعك وترتب بها حياتك. ما الجديد الذي ستُدخله عليها؟ وما التجديد الذي ستقوم به على ما تملك؟ أي شيء فيك ستبقي؟ وأيها أنت في غير حاجة له؟ وهذه بعض النقاط المهمة في كل جانب:
1- علاقتك بالله سبحانه وتعالى:
حافظ على الفروض والسنن والصلاة في اوقاتها وقراءة القران يوميا والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأدعية والاستغفار والصلاة والسلام على النبي باستمرار
2- علاقتك مع ذاتك:
حددي هدفك ورسالتك في الحياة، واكتب ذلك على ورقة، وعلقها أمامك لتقرأها يوميا مرتين على الأقل.
سجل في مفكرةٍ الأعمالَ والواجبات التي ستقوم بتا يوميا بعد الفجر.
حافظ على ترتيب الأولويات في أعمالك، الأهم فالمهم.
تفرس في ذاتك واعرف مهاراتك المميزة وحاول تطويرها.
دوِّن في مذكرة خاصة، سمها "قصة نجاحي"، مذكراتك اليومية، واكتب إنجازاتك على الجهة اليمنى، وأخطاءك التي قمت بتا على الجهة اليسر، وراجع هذه المذكرة أسبوعيا. وكافئ نفسك على الإنجاز والنجاح وعاقب نفسك ولُمْها على الأخطاء.
سجل في مذكراتك -"قصة نجاحي"- نقاط القوة فيك ونقاط الضعف، وضع الخطط لتطوير نقاط القوة فيك والتغلب على نقاط الضعف فيك.
حافظ على المشي بشكل يومي، ويُفضل أن يكون صباحا بوقت مبكر أو مساءً قبيل المغرب.
خاطب نفسك بإيجابية دائما.
روِّح عن نفسك بين وقت وآخر بنزهة أسبوعية مثلا؛ لتخفف عن نفسك ضغوطات الحياة.
قم بإعداد خطة للقراءة والمطالعة اليومية، واحرص على أن تنهي كتابا كل أسبوعين مثلا، وحتى تستفيد من قراءتك دوِّن ملاحظاتك على ما تقرؤه، واقتبس منه بعض الجمل أو الدروس التي تعلمتها واكتبها في "قصة نجاحك". ونوِّع في قراءتك لتزيد من معرفتك وثقافتك في كافة المجالات الحياتية.
استمع للأخبار يوميا وتابع بعض الصحف حتى تكون على معرفة بما يحدث من حولك من مستجدات محليا وعالميا.
3- علاقاتك الاجتماعية:
ارضي والديك وبرهما قدر استطاعتك. تقربي إلى أسرتك واجلسي معهم يوميا، واستمعي إلى أخبارهم وشاركهم أحوالك.
صِلى رحمك، ولو لم يتيسر لق زيارتهم اتصل بهم أو راسلهم. طور علاقتك بأصدقائك، وخص منهم من ترتاح له وتسعد بقضاء الوقت معه باهتمام أكثر.
توددي إلى من تلاقي من الناس بالكلمة الطيبة، واعلم أن أنجح العلاقات تلك التي لا إفراط فيها ولا تفريط، .
تقبلي أخطاء غيرك، وغض الطرف عنها من باب الصفح والإحسان لا من باب الرصد والعد عليهم.
استمعي إلى من يحدثك ولا تتكلم إلا حين ينتهي؛ فإن ذلك من حسن الحوار وآدابه.
أخبري من تحب أنك تحبه، وانصح من ترى فيه سلبية معينة سرًّا ولا تفضحه علنًا.
أهدى من تحب ومن تعرف بهدية يحبها من وقت لآخر، فإن الهدية مهما قل ثمنها ترقق القلب.
4. علاقتك بدعوتك:
طالعي كتب الدعوة وسِيَر الصحابة، وارتوِى من نبع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عودي نفسك ودربها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل وقت وفي كل مكان بالأسلوب الذي يناسب كل موقف.
شاركي ببعض المنتديات الإسلامية؛ فإن ذلك سبيل للدعوة يسير، وفيه الأجر الوفير والاستفادة الكبيرة. وطالع بعض المواقع الإسلامية الدعوية لتكن على اطلاع دائم وعلم واسع.
مارسي دعوتك في بيتك وطبقي علمك على نفسك أولا، ثم الأقرب فالأقرب. .
تطوعي في أحد المجالات التي تتميزي بتا، مثلا: إن كنت متميزة في البحوث العملية فيمكنك التطوع في أحد مراكز البحث العلمي، وإن كنت تتميزي في الحاسوب فعلم عددا من الطلاب كيفية استخدامه، وبهذه الطريقة -أي التطوع- تطوري ذاتك في مجال تميزك، وتعطي فيه وتبدعي لتصلى بت إلى مرحلة التخصص.
علمي نفسك فعل الخيرات وسابقي فيها من حولك ولا تستصغري عملا، فرب عمل صغير تستحقره يدخلك الجنان، ورب عمل كبير تستعظمه يُرَد عليك.
وأخيرا، احمد الله أن جعلك من أهل الصفوة على علم ووعي وبصيرة، وكن على إدراك بهذا الذي جئناك بت، فإنك من بعد الآن مسئول عنه بين يدي الله، فهذه الجادة فأين السالك؟ وها نحن نقولها لق ونعيدها عليك: عرفت فألزم... عرفت فألزم!!.
منذ اليوم أنت إنسان جديد، يملأ الأمل قلبك، والفرحة وجهك، ويداك تتوق للعمل، ورجلاك للسعي والتعب والنصب. كيف لا تكون من الأخيار وأنت حبيب الله؟! كيف لا وقدوتك نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه؟! فهلا زاحمت الصحابة لتسعد برفقته؟!.
مع تحيات قسم العلوم:
رئيسة قسم العلوم :تهاني الفضلى
إعداد المعلمة :هدى احمد مديرة المدرسة : نجاة معرفي