رسالة عاجلة
من لغة القرآن إلى أبنائها وأحفادها
ضَاعَتْ مَعَالِمُ تَأْرِيخِي وَأَمْجَادِي لَمَّا تَخَاذَلَ أَبْنَائِي وَأَحْفَادِي
وَاسْتَبْدَلُوا بِي لِسَانًا لَسْتُ أَعْرِفُهُ وَلَيْسَ فِيمَا اسْتَعَاضُوا رَوْنَقُ الضَّادِ
إِنِّي أَكَادُ أَشُقُّ الْكَوْنَ نَادِبَةً وَيْلِي عَلَى مَنْ رَعَانِي مُنْذُ مِيلاَدِي
وَيْلِي عَلَى عَهْدِ عِزٍّ يَوْمَ كُنْتُ بِهِ تَاجَ الْفَصَاحَةِ فِي هَامَاتِ أَوْلاَدِي
كَمْ فَاخَرَتْ بِي فُحُولٌ يَوْمَ أَنْ عُقِدَتْ بِالْمَجْدِ أَلْوِيَةٌ مِنْ وَحْيِ إِنْشَادِي
وَكَمْ تَسَامَى فَصِيحٌ فِي عَشِيرَتِهِ حَتَّى غَدَا سَيِّدًا لِلْحَيِّ وَالنَّادِي
هَذَا امْرُؤُ الْقَيْسِ وَالْبَكْرِيُّ بِي حُفِظَتْ أَشْعَارُهُمْ وَتَنَامَتْ مُنْذُ آمَادِ
لَوْلاَيَ مَا عَرَفُوا قُسَّ بْنَ سَاعِدَةٍ وَلاَ رَوَوْا عَنْ عُكَاظٍ شِعْرَ رُوَّادِي
وَكَمْ هَزَزْتُ قُلُوبًا أُطْرِبَتْ فَغَدَتْ سَكْرَى بِنَغْمَةِ لَفْظِي مَا شَدَا الشَّادِي
أَطْرَبْتُ حَتَّى صِعَابَ الْعِيرِ فَانْطَلَقَتْ تَهُزُّهَا فِي الصَّحَارِي رَنَّةُ الْحَادِي
حَتَّى امْتَلأْتُ شَبَابًا وَاسْتَوَيْتُ عَلَى سُوقِي شَرُفْتُ بِوَحْيِ الْخَالِقِ الْهَادِي
فَكُنْتُ نُورًا عَلَى نُورٍ وَخَلَّدَنِي آيُ الْكِتَابِ فَلاَ أَبْلَى بِتَرْدَادِي
• • •
مَا بَالُ قَوْمِي نَسُوا وُدِّي وَمَا حَفِظُوا عَهْدِي وَمَا سَمِعُوا نُصْحِي وَإِرْشَادِي؟!
أَغَرَّهُمْ مَا افْتَرَاهُ النَّاعِبُونَ بِلاَ عَقْلٍ وَمَا قَالَ أَعْدَائِي وَحُسَّادِي؟!
أَصَدَّقُوا مَا يُشِيعُ الْمُرْجِفُونَ وَهُمْ لاَ يَرْتَجُونَ سِوَى وَأْدِي وَإِبْعَادِي؟!
ثَارُوا عَلَى أَدَبِي وَاسْتَهْجَنُوهُ وَمَا جَاؤُوا بِغَيْرِ هَجِينٍ قُبْحُهُ بَادِي
فَالشِّعْرُ يَهْذِي هُذَاءَ السُّكْرِ لاَ طَرَبٌ فِيهِ وَلاَ لِلْمَعَانِي مِنْهُ مِنْ زَادِ
شِعْرُ (الْحَدَاثَةِ) هَلاَّ مِنْهُ أُغْنِيَةٌ يَشْدُو بِهَا قَرَوِيٌّ يَحْرُثُ الْوَادِي!
تَهَتُّكٌ كُلُّ مَا يَدْعُونَهُ (أَدَبًا) مِدَادُهُ رَاعِفٌ مِنْ كَفِّ أَحْقَادِ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى عَصْرٍ تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي وَأُحْيِي بِهِ مَجْدِي وَأَعْيَادِي
إِنِّي هُنَا لاَ أُطِيقُ الْعَيْشَ يَلْمِزُنِي قَوْمٌ وَقَدْ جَهَّزُوا رَمْسِي وَأَعْوَادِي
إِنِّي وَإِنْ هَانَ قَوْمِي وَارْتَضَوْا نُزُلاً دُونَ الثَّرَى لَمْ يَزَلْ فِي الْمَجْدِ مِيعَادِي
وَلاَ تَزَالُ كُنُوزِي فِي مَخَابِئِهَا يَفْنَى الزَّمَانُ وَتَبْقَى رَوْعَةُ الضَّادِ
وَقَدْ كَفَانِيَ أَنِّي صِرْتُ مُعْجِزَةً تَسْمُو بِنُورِ الْهُدَى وَالْوَحْيِ أَطْوَادِي
وَلاَ يَزَالُ كِتَابُ اللَّهِ تَذْكِرَةً لَوْلاَهُ لاَنْتَزَعَ الأَعْدَاءُ أَوْتَادِي
وَسَوْفَ أَحْيَا بِهِ فِي الْكَوْنِ خَالِدَةً كَأَنَّنِي فِي صَفَائِي يَوْمَ مِيلاَدِي