تعني أيام العطل والأعياد للكثير منا، لمّ الشمل العائلي واللقاء مع الأصدقاء وحضور مراسم دينية أو أداء زيارات اجتماعية، وهذا ما يشكل فرصة للاطلاع على أحوال الآخرين، وتبادل الأفكار، وربما
إبداء المساعدة المعنوية.
* متعة العلاقات
* إن التواصل الاجتماعي لا يوفر للإنسان المتعة فقط، إذ إنه يؤثر أيضا وعلى المدى الطويل، على الصحة، بوسائل قوية تتماثل في كل جوانبها مع ما يوفره للصحة القسط الوافر من النوم، والتغذية الجيدة، وعدم التدخين.
وقد أظهر أكثر من 10 من الدراسات أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات طيبة سواء كانت عائلية، أو مع الأصدقاء، أو مع الجيران، يتمتعون أكثر بالسعادة، ويعانون أقل من المشكلات الصحية، ويعيشون لأعمار أطول.
لكن، ومن الناحية الأخرى، فإن انعدام العلاقات الاجتماعية يرتبط بظهور الكآبة وتدهور القدرات العقلية مع تقدم العمر، إضافة إلى ازدياد الوفيات. وقد وجدت إحدى الدراسات التي دققت في بيانات 309 آلاف شخص أن انعدام العلاقات القوية زاد من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 50 في المائة - وهو تأثير على الوفيات يقترب بشكل ما من الوفيات الناجمة عن تدخين 15 سيجارة في اليوم، ويزيد على تأثير السمنة والخمول البدني.
* علاقات صحية
* ما الذي يجعل العلاقات الاجتماعية، صحية؟ يحاول العلماء دراسة العوامل البيولوجية والسلوكية التي تؤدي إلى تحقيق الفوائد من جراء إقامة العلاقات مع الآخرين. وقد وجدوا على سبيل المثال، أن العلاقات تساعد على تخفيف المستويات الضارة من التوتر الذي يهدد الشرايين التاجية بالأضرار، ويهدد وظيفة الأمعاء، وتنظيم الإنسولين، وجهاز المناعة. وتفترض سلسلة أخرى من الدراسات أن السلوك الحنون (الرعاية والعناية) يؤدي إلى إفراز هرمونات تقلل التوتر.
كما تعرف الباحثون على نطاق من النشاطات التي يمكن اعتبارها عوامل دعم اجتماعي، مثل عروض للمساعدة أو نصائح، أو تعابير المودة والتعاطف. وإضافة إلى كل ذلك فإن الدلائل تفترض أن تأثيرات عوامل الدعم الاجتماعي تعزز حياة الإنسان التي يتلقاها، وهي تشمل أيضا الشخص الذي يعرض تقديمها.
وهذه كلها أخبار مشجعة لأن العطف والحنان على الآخرين يمكن أن يتحول إلى إحدى الاستراتيجيات الصحية السهلة والمتاحة، فهي غير غالية الثمن، ولا تتطلب وجود أجهزة خاصة أو نظاما خاصا، كما يمكن تقديمها بطرق مختلفة.
* نوعية العلاقات
* إن العنصر المهم في العلاقات هو نوعيتها، فقد وجدت إحدى الدراسات، على سبيل المثال، أن النساء في أواسط العمر اللواتي كن يعشن حياة راضية مع أزواجهن، قل لديهن خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بالنساء الأخريات اللواتي كن يعشن غير راضيات في حياتهن الزوجية.
وربطت دراسات أخرى بين العلاقات السيئة والسلبية بين الشخص وبين أفراد عائلته وأصدقائه، وبين صحته السيئة. وقد وجد أحد الأبحاث المثيرة علامات على تدهور المناعة لدى الزيجات خلال فترات المنازعات الزوجية.
وهكذا، فإن وجود شبكة من العلاقات المهمة قد يؤدي إلى تحقيق فرق كبير. وقد استنتجت دراسة سويدية كبيرة أجريت على أشخاص من عمر 75 سنة فأكثر، أن خطر الإصابة بالعته يكون أقل لدى الأشخاص الذين تكون لديهم علاقات طيبة مع الأصدقاء والأقارب.